26 - 06 - 2024

تباريح | هذا ماجناه زكريا عبد العزيز !

تباريح | هذا ماجناه زكريا عبد العزيز !

(أرشيف المشهد)

  • 16-3-2016 | 16:52

يأبى القضاء المصري أن يمر عهد دون أن يكون له أبطال ، تكتب أسماؤهم بحروف من نور في سجلات التاريخ بينما يذهب الوزراء والكبراء إلى وهدة النسيان.

كلما أظلم عصر يلوذ الوطنيون بخيط نور ، يظل لامعا متوهجا ومثبتا أن دولة الظلم ساعة ، وأن الزبد لايلبث أن يتبدد حاملا معه شخوصه ، يتذكر الناس عبد العزيز باشا فهمي وعبد الرازق السنهوري باشا وممتاز نصار ويحيى الرفاعي ونهى الزيني وزكريا عبد العزيز ، فيما يلاحق الذكر السيء عشرات بدءا من قضاة محكمة دنشواي وانتهاء بناجي شحاتة وأحمد الزند.

منذ وقف المستشار زكريا عبد العزيز – رئيس نادي القضاة الأسبق – في وجه نظام مبارك عام 2005 ، بدأ الرجل يحفر لنفسه طريق خلود ، وأصبح الاصطفاف إلى جانبه أو ضده يمثل فرزا حقيقيا بين ضمائر ماتت وضمائر ماتزال حية ، بين متكالبين على المناصب والمكاسب وشهوة الظهور وبين أصحاب وطنية متوهجة يدفعون الأثمان من أمنهم واستقرارهم في سبيل رفعة مصر.

زكريا عبد العزيز نموذج ليس وحيدا ، بل إن هناك نماذج عديدة تعيش بيننا ، لكن الأضواء الزائفة تهمشهم وتحاول أن تجثو على هاماتهم التراب لعل من أبرزهم حسب الله الكفراوي وطارق البشري اللذان يضربان أروع مثل في العفة والطهر والاستقامة ، فيما تبحث المناصب عن المشوهين والملوثين.

رفض زكريا عبد العزيز أن يكون وزيرا موقنا أن منصة القضاء أشرف من كل موقع تنفيذي ، غير أن الدولة العميقة لم تغفر له وقفته الشجاعة في وجه سلطة فاسدة ، ولم تغفر له أنه كان أحد رموز أطهر وأنبل ثورة عرفها التاريخ المصري ، لم تغفر له تجرده وشجاعته وعنفوانه في الحق وفروسيته. لذلك لم يتح له الترافع عن نفسه أمام لجنة الصلاحية . بحزن نبيل يقول زكريا عبد العزيز "حُرمت من حق (المشنوقين) فى المرافعة الشفوية، وحُرمت من تفنيد الأقوال المرسلة المقدمة ضدى".

الجميع بمن فيهم السيسي نفسه يعرف جيدا الدور الذي قام به زكريا عبد العزيز لصالح الدولة المصرية ، فقد كان صوت العقل الذي يكبح جماح ثورة غاضبة ، وكان رجل الدولة الذي يسمع صوته لملايين من شباب الثورة ، ظل الضمير الذي يحمي ويوجه مخافة الانجراف إلى العبث والفوضى ، و"ذبح" القاضي الجليل بهذه الطريقة يؤكد أن جهات ما لم تكن تريد أن يظهر أصحاب ضمائر يجنبون مصر مصيرا سيئا ، مثلما يفعلون الآن حين يدفعون بالبلاد إلى حافة هاوية ، تارة بالتضييق على معاش الناس وأرزاقهم .. وتارة أخرى بالتجاوزات الأمنية التي تولد حالة غليان داخلي وحرج خارجي بالغ ، وتارة ثالثة بقتل السياسة حتى لايجد الشباب طريقا غير العنف وحمل السلاح والانضمام لتنظيمات إرهابية.

لا تبتئس ياصديقي القاضي الجليل ، فلم يعد في بلادنا "رجل رشيد".

مقالات اخرى للكاتب

تباريح | مصر ليست مجرد أغنية!





اعلان